الخياطة – لطرة الحسن ولد زين على لامية الأفعال

adoud.png
لتحميل الكتاب اضغط على الرابط: الخياطة


بسم الله الرحمن الرحيم

يقول محمد سالم بن محمد علي بن عبد الودود المباركي كان الله لهم ولأوليائهم وليا، آمين:

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد ومن اهتدى بهداه،

أما بعد فقد طلب مني أخي المكرم سيدي محمد بن الحاج – المعروف باسم: حي – ابن الحسن بن زين بن سيدي سليمان بن الأمين بن أحمد بن علي – وينطقُ بتحريف صنهاجي: اعديجه – بن باي بن محم. المنتسب إلى البيت النبوي الشريف؛ فهو إما علوي حسني، وإما جعفري زينبي؛ فالأول هو الذي عندهم، والثاني مقتضى نقل عالمهم الأورع محمد عبد الله بن سيدي بن زين المذكور عن الشيخ سيدي بن الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي، رحم الله تعالى الجميع.

أقول: طلب مني الأخ المذكور – حفظنا الله تعالى وإياه – أن أعِدَّ توشيح جده شيخ مشايخنا الحسن المذكور للامية الأفعال لابن مالك إعدادا يجعله قابلا للطبع، ليعم الانتفاع به.

فقبلت ذلك؛ قياما بحق شيوخ العلم، وبرا بالوالدين، ووفاء بعهودهم، وخدمة للغة العربية، وتجلية لبعض جهود المخلصين من أهل هذا الوطن الغالي في المحافظة عليها – حتى أصبحت ببركة أعمالهم هذه البلاد جزيرة عربية في بحر ملتطم الأمواج من العجمة البربرية في الشمال، والزنجية في الجنوب والشرق، وزحف الاستغراب مع الاستعمار – فلولا جهودهم المضنية لذهبت عربية هذا البلد وضاعت هُوِّيَّـتـُهُ، جزاهم الله الجزاء الأوفى.

والتوشيح المذكور عبارة عن نظم يتخلل نظم ابن مالك من بحره وقافيته، وطرر على الأصل والفرع، بالإضافة إلى استعانة الشيخ – رحمه الله تعالى – بثمانية أبيات للشيخ بحرق الحضرمي أوردها في شرحه الكبير للامية مستدركا بها على ابن مالك في شواذ مضارع فعل بالكسر وشواذ مضعف فعل بالفتح، وقد وضع الشيخ عليها طررا كما فعل بنظم ابن مالك وما أضاف هو إليه، وكتب أصل ابن مالك بالسواد، وكتب ما أضاف هو بالحمرة – كما فعل مجد الدين الفيروزآبادي في كتابة المواد التي استدرك على الجوهري -، وكتب ثمانية الحضرمي بما ميزها من النظمين.

وليست الصعوبة – الآن – في وضع علامة تميز كل واحد من الثلاثة، ولكن في تحرير خياطة الطرر مع المتون؛ لأن الشيخ – رحمه الله – كان يضعها على حسب معنى البيت لا لفظه، فتتناسق معه لكتابتها بالهامش مشارا إلى كل طرة بما يعرِّف موقعها من كلِم البيت على ترتيب معانيه، وعلى المعلم أن يرده في الدرس إلى وضعه الأصلي؛ فيحل عقده ويصبح كلاما منثورا تتخلله تلك الطرر بدون نشاز.

أما إذا أردنا أن نكتبها في الصلب مخيطا بها النص على ترتيب وزنه فإن ذلك يُحيل العبارة ويُفسد المعنى.

وهذا ما شرحته لأخي معتذرا به فلم يقبل معذرتي، على خلاف عادتهم في التكرم بقبول المعاذير.

وسوف يكون عملي – إن شاء الله تعالى – أني أكتب البيت معزوا لصاحبه بما يغني عن التمييز باللون، فإن كانت خياطة الطرر معه مؤاتية لم أحتج إلى كتابته على خلاف ترتيب وزنه، وإن كان فيها ما ذكرت من النشاز أعدت كتابته محلول العَقـْد منثور العِقـْد، وكتبت كل طرة في موقعها الذي أراد لها الشيخ.

وسأتمم كل بيت استشهد به ناقصا اعتمادا على شهرته لوروده في مثل دواوين الشعراء الستة الجاهليين؛ لأن الاشتهار الذي عهد الشيخ قد تغير.
كما قد أعَـلق هوامش؛ أبيِّن ببعضها بعض نسخ أبيات ابن مالك المخالفة لنسخة الشيخ، وبجُلها أمتثل قوله رحمه الله تعالى آخر الكتاب:

وإنني أبتغي ممن رأى خللا….. فيما انتدبت له أن يصلح الخللا

إذا تيقنه جنبا … … ..

وإنما اشترط أن يكون كذلك لئلا يكون الخطأ من زاعم الإصلاح، كما قال الشاعر:

وكم من عائب قولا صحيحا ….. وآفته من الفهم السقيم

وكما أشار إليه الأخضري في السلم.

وسأضع كل هامش بين قوسين؛ فما رأيتَ بين قوسين فهو مني.
وسأجعل عمدتي في التوشيح نسخة أخي سيدي محمد التي كتبها له والدي رحمه الله تعالى زمن قراءته عليه، على أحدث نسخة كتبها الشيخ بيده مهذبة مشذبة مطروحة الزوائد، مُعرِبة عن الفـُصُح والشوارد.

وقد التزم الشيخ رحمه الله تعالى مصطلح القاموس من نحو “وهي بهاء”، ومن مثل “ويحرك”، و”بالفتح”؛ فإذا قال: “ويحرك” فالمعنى: بفتحتين، وإذا قال في الاسم: “بالفتح” فالمعنى: بفتح أوله وسكون ثانيه. فليكن ذلك من القارئ على بال.

كما التزم الرمز له بالقاف؛ فيكتب – مثلا – “ق و يثلث”؛ بمعنى: قال مجد الدين في كتابه القاموس: ويثلث الفعل المذكور؛ أي يفتح وسطه ويكسر ويضم.

والآن أبدأ، والله تعالى المستعان، وعليه التكلان.

قال ابن مالك:

1- الحـمـد لله لا أبـغـي به بـدلا حمدا يُـبَـلـِّـغ من رضوانه الأملا

2- ثم الصلاة على خير الورى وعلى ساداتـنا آلِـه وصحبـِه الفُــضـلا

3- وبعـدُ فالفعلُ من يُـحكِم تصرفه يَحُـزْ مـن اللغة الأبوابَ والسـبلا

4- فهـاك نظما محيطا بالمُهِـم وقد يحوي التفاصيلَ من يستحضرُ الجملا

جاءت أبيات الخطبة في النسخة التي اعتمدت عليها بدون تطرير.

أبنية المجرد ومعانيه وتصاريفه

أصل الترجمة عند ابن مالك: باب أبنية الفعل المجرد وتصاريفه، فحذف الشيخ لفظ “باب” وكلمة “الفعل” اختصارا، وأقحم بين الأبنية والتصاريف كلمة “ومعانيه”، وعلق عليها قوله:

جَمْعُ معنى؛ مَفعَلٍ بمعنى مفعول، وهي كثيرة – كالتصاريف – كما ترشد إليه الصيغة، وأما الأبنية فأربعة على المشهور؛ إذ لا ينقص عن ثلاثة أحرف، حرفِ ابتداءٍ، وحرفِ وقفٍ، وحرفٍ فاصل بينهما.

ولم يُبدأ بساكن؛ إذ يلزم منه همز الوصل، ولا ضمٍّ ولا كسر ٍ؛ لثِـقــَـلهما، فلازَم أولـُه الفتح – كآخره – ؛ لخفته.

ولم يسكن ثانيه؛ لأنه قد يتصل به ضميرُ الرفع المتحركُ فيسكنُ آخره فيلتقيان.

ولا يزيد على أربعة؛ فلا يكون سُداسيًّا لئلا يُـتوهم أنه كلمتان، ولا خماسيًّا لأنه قد يتصل به الفاعل وهو كجزئه، فيكون به ستة.

وحركوه بالفتـَحات؛ تخفيفا، وأدخلوا فيها ساكنا لئلا يتوالى منها أربع، وجعلوه الثاني لئلا يسكن آخره عند اتصال ضمير الرفع المتحرك به فيلتقيا.

وذكرها الناظم مقدما الأثقلَ فالثقيلَ؛ اعتناءً بما يَثـْـقـُـل فيقل الكلام عليه، فقال:

5- بفعلل الفعلُ ذو التجريد أو فعُلا يأتي ومكسورَ عين أو على فعَـلا

البيت لابن مالك كما صرح به الشيخ، والخياطة مع الطرة كالآتي:

الفعل مبتدأ، ذو التجريد نعت يأتي خبر، بفعلل أو فعُل ومكسورَ عين أو على فعَـل، أحْـوالٌ متعاطفة ٌ.

ثم قال الحسن :

6- تضعيف ثان أو ان الياء آخره أو عينـُه كالوقوع قلـَّـما نـُـقلا

الخياطة

تضعيف ثان قلـّما نقل عن العرب؛ كلببت لبابة تلـَـب بالفتح، ق: لا نظير له، فأنت لبيب وملبوب: ذو لـُـب، وجاء كفرح. ودممت دمامة فأنت دميم، أي: حقير، ق: ويثلث، مفتوحه كصد. وفككت فكة: حمقت. وضببت الأرض كثرت ضِبابُها. وعززت الناقة: ضاق إحليلها، كأعزت، فهي عزوز ومعز.

(وفي بعض النسخ بعد قوله ” كصد” وشررت شرارة فأنت شـَـرير وشِرِّير، ق: ويثلث. وبعد كلمة “حمقت” وجاء كفرح. وبعد كلمة “الأرض كثرت ضِبابُها” وجاء كفرح).

أو ان الياء آخره متصرفا، لا كرمُو في التعجب، كنهُو بالإعلال؛ لأصالة اللام فيه، فهو نـَهـِـيٌّ، جمعه أنهيَاءُ، أو نَِـه – بالفتح وبالكسر؛ للإتباع – جمعه نَهُونَ: كامل النـُّهْـيَـة. أو عينـُه كهيؤ: – بالتصحيح؛ تنبيهًا على الأصل – حسنت هيئته، ق: ويثلث.

لا فاؤه كيمُـن يُـمْـنا فهو أيمن، وكعُـنِـيَ فهو ميمون.

ولا الواو مطلقا كوضؤ وطال وسرُوَ – ق: ويثلث – : شرف.
كالوقوع: أي وقوعِه: أي تعديه بتضمين؛ كرحُـبكم الدخول في طاعة الكرماني، وإن بُسْـرًا قد طلـُع اليمن؛ أي وسِعكم وبلغه. وهو من المعاني كما ترشد إليه الكاف.


المصدر: شــذرات شــنـقـيـطــية > ركن الدراسات الشرعية > ركن اللغة العربية وعلومها
الربط لم يعد متوفرا على الشبكة

قبل إكمال الموضوع أسفله يمكنكم الإطلاع على موضوعات أخرى للنفس المحرر

زر الذهاب إلى الأعلى